ما هي أسباب اضطراب ما بعد الصدمة؟ وما هو علاجه؟

شهد العالم في الآونة الأخيرة أحداثاً قاسية ومؤثرة أهمها زلزال سوريا وتركيا، ولكن من يعيشها في بيته وأرضه يختلف عن من يعيشها من خلف شاشة التلفاز، غالباً ما يمر الكثير من هؤلاء الناس في الوقت الذي أكتب فيه الآن بحالة اضطراب ما بعد الصدمة وحالة نفسية قاسية تُدرّس ولها أعراض وخيمة إذا لم يُعالجوها ويتعاملوا معها بالشكل الصحيح. نتعرف اليوم في مقالنا إلى هذا الاضطراب؛ لنوضح لكم ما قد يمر به كل شخص تعرض لصدمة في يوم ما وكيف يستطيع التعامل معها بالشكل الذي يقي من مضاعفاتها.

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

يُصيب هذا الاضطراب النفسي الأشخاص بعد مرورهم بأزمات أو أحداث مؤلمة أو مرعبة تغير مجرى حياتهم للأسوأ، وتضعهم تحت مشاعر الخوف والسوء بشكل يجعلهم في حالة استنفار دائم لأي من اللحظات القادمة والمستقبل، ما يؤثر على حياتهم وممارستهم للأنشطة اليومية بشكلها الطبيعي.

تعد مشاعر الخوف طبيعية لدى أي شخص يمر بحدث مفزع، ولكن استمرارية الشعور وازدياده بمرور الوقت وتحوله لأزمة نفسية وسيطرة مشاعر اليأس والإحباط على حياة الشخص، هو ما يجعل هذا الاضطراب حالة نفسية تتطلب علاجاً. 

يسبب اضطراب ما بعد الصدمة اختلالاً في توازن الجسم، فتُفرز هرمونات معينة وتزداد اليقظة ويرتفع ضغط الدم ويتسرع معدل ضربات القلب ويضيق التنفس.

يعجز البعض عن تفسير السبب المؤكد لحدوث هذا الاضطراب النفسي، إلا أنه قد ينتج عن مزيج معقد من الأحداث أو الصدمات النفسية أو وجود أمراض نفسية متوارثة عائلياً، مثل: القلق والاكتئاب، كل ذلك قد يؤثر على الطريقة التي ينظم بها الدماغ المواد الكيميائية والهرمونات التي يفرزها الجسم استجابة للتوتر.

نكتشف أهم الأسباب التي عرضت الأشخاص لاضطراب ما بعد الصدمة في الفقرة التالية، تابعوا القراءة.

ما هي أسباب اضطراب ما بعد الصدمة؟

يصيب اضطراب ما بعد الصدمة النساء أكثر من الرجال بشكل واضح؛ نظراً لتأثرهن الزائد بأغلب الحالات المسببة لهذه المشكلة النفسية، والتي تنشأ من الخوف الشديد في أزمات معينة قد يمر بها أي شخص، مثل:

الكوارث الطبيعة والحرائق.

الحروب والأعمال الإرهابية.

الجرائم، كالتعرض للسرقة أو الاعتداء الجنسي. 

الإصابة بمرض مزمن وخطير يهدد الحياة.

على الرغم مما ذُكر لا يقتصر الأمر على المواقف المخيفة، قد ينجم اضطراب ما بعد الصدمة من حالات عدة يمر بها الناس يومياً، مثل:

حالات الانفصال أو الطلاق.

 موت مفاجئ لشخص عزيز.

التعرّض للعنصرية أو التنمر المستمر. 

ما هي أعراض اضطراب ما بعد الصدمة؟

تتطور أعراض هذا الاضطراب عادة خلال شهر إلى 3 أشهر من الحدث أو الصدمة التي مر بها الشخص، وهنالك بعض الحالات التي يقاوم بها جسم الشخص المصاب هذا الاضطراب دون أن يعلم فتبقى الأعراض مختبئة ولا تظهر إلا بعد عدة أشهر أو حتى سنوات من الصدمة.

تُصنف أغلب الأبحاث أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى أربعة أنواع نتحدث عن كل منها بالتفصيل.

الذكريات

تكرر الأفكار السيئة والذكريات على الرغم من زوال الخطر، يشعر الشخص أنه يسترجع الحدث كما لو كان يعيشه للمرة الأولى.

قد يتمثل استرجاع الذكريات في أعراض جسدية، فيشعر الشخص بالقشعريرة والصداع الشديد والرجفة وتسرع نبض القلب ويصل الأمر أحياناً للمرور بنوبة هلع.

تظهر الذكريات وتتطفل على حياة المصاب بمجرد مروره بأي حدث في أثناء النهار، على سبيل المثال يشرح مصابو الزلزال أنهم يتوهمون بأن البناء ينهار وأن الحدث سيتكرر بمجرد سماعهم لصوت غلق باب عنيف أو ما شابه.

التجنب

يظن البعض أن تجاهل الشعور أو المشكلة هو الحل، إلا أن هذا التفكير بحد ذاته هو أحد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، إذ يُلاحظ أن المصاب لا يرغب بالتفكير أو التحدث عما مر به. 

تتمثل حالة التجنب في الابتعاد عن جميع الأشخاص أو الأماكن أو الأنشطة التي تحمل ذكريات لما حدث.

تقلبات المزاج السريع والتفكير المتقلب

 يعتقد الشخص أنها مجرد حالة إحباط أو يأس مؤقتة مما حدث، ولكنها مرحلة من المشاعر التي يمر بها وتكون ذات أثر عميق وسلبي، تتمثل في اليأس أو الشعور بالسوء تجاه النفس أو الآخرين، حتى المقربين منهم.

تصل هذه التقلبات المزاجية والمشاعر إلى مراودة الشخص لأفكار الانتحار والشعور بالعار أنه لا يزال على قيد الحياة بعد ما حدث له أياً كان، ومشاعر الذنب القاتلة.

يُلاحظ أيضاً حالة صعوبة في النوم، وتَرافق ليلة الشخص المضطربة مع كوابيس في بعض الأحيان، كما أن الأنشطة التي كانت ممتعة للشخص أصبحت سطحية ودون قيمة.

قد يعاني الشخص من صعوبة في تذكر الأحداث الرئيسية للصدمة التي مر بها على الرغم من حالة الذكريات المستمرة التي تحدثنا عنها.

تغيرات ردود الفعل الجسدية والسلوكية 

يجعل الاضطراب مشاعر الشخص أكثر حدة وردود أفعاله مختلفة عن الحالة المعتادة، إن الشخص الهادئ اللطيف قد يصبح أكثر عدوانية ويمر بنوبات غضب تُثير شكوكاً وتفاجئ كل من يعرفه. 

تشمل هذه التغيرات وجود صعوبة في التركيز، وأي حدث مهما كان صغيراً قد يعطل إنهاء المهام أو يفسدها.  

تختلف الأعراض ما بين شخص وآخر، فكل إنسان يقيس الأمر بشكل مختلف، ومنه لا يمكن أن يتماثل رد فعل جسمه مع شخص مر بنفس الصدمة. 

ما أعراض نقص فيتامين د النفسية؟ وكيف يمكن علاجها؟

كيف يمكن تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة؟

يُشخَّص اضطراب ما بعد الصدمة إذا عانى الشخص لمدة شهر واحد على الأقل من وجود:

عرض واحد من أعراض الذكريات.

عرض تجنب واحد على الأقل.

ما لا يقل عن اثنين من الأعراض الأخرى التي تشمل تقلبات المزاج وتغير الإدراك واثنين من ردود الفعل المتغيرة والسلوك المختلف.

يساعد الفحص الجسدي ومناقشة الطبيب للأعراض التي يعاني منها الشخص وربطها بالأحداث الحاصلة مؤخراً في حياته أن يفيد في تشخيص هذا الاضطراب النفسي.

ما هو اختبار اضطراب ما بعد الصدمة؟

يلجأ بعض الأطباء لاختبار نفسي يدعى الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5-TR)، إذ نشرت الجمعية الأمريكية للطب النفسي التوصيات بإجراء هذا الاختبار للحصول على التشخيص الدقيق وبداية رحلة العلاج. 

يقدم هذا الفحص تعريفات واضحة ومفصلة عن الصحة العقلية والأمراض المتعلقة بالدماغ، ويدعم ذلك بالأمثلة عن أعراض تلك الحالات وينظمها ضمن مجموعة أسئلة وفقرات لتساعد الطبيب على تشخيص الحالات بدقة ومقارنة تشخيصهم بالحالات النفسية والعصبية المماثلة لحالة مريضهم.

اقرأ أيضا: أخطر أنواع الأمراض النفسية

كم تستمر الصدمة النفسية؟ 

تعتمد مدة استمرار الصدمة النفسية ما بعد الكرب على حسب عدة عوامل، منها:

التشخيص الدقيق للحالة مبكراً.

بدء العلاج الصحيح.

عدم المرور بصدمات حديثة ما بعد الصدمة الأولى.

بناء على ذلك تختلف مدة مرور الشخص باضطراب ما بعد الصدمة، فقد يمر به لشهر أو لعدة سنوات، خاصة إن لم يُعالج بشكل صحيح.

ما هو علاج اضطراب ما بعد الصدمة؟

يشمل علاج اضطراب ما بعد الصدمة الأدوية والعلاج النفسي والسلوكي، إذ يلجأ الطبيب لكل السبل الممكنة لجعل المريض أن يتخطى هذه الصدمة ويعود ليعيش حياته بشكلها الطبيعي.

العلاج الدوائي 

تعد مضادات الاكتئاب الخيار العلاجي الأول لهذا الاضطراب؛ لأنها تساعد في تحسين الحالة المزاجية والتخلص تدريجياً من القلق والنوم بشكل أفضل، من أهم المجموعات الدوائية المقترحة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).

وافقت منظمة الغذاء والدواء FDA على استخدام أدوية مثل: السيرترالين (Sertraline) والباروكستين (Paroxetine) في خطة علاج اضطراب ما بعد الصدمة وهم من المجموعة الدوائية المذكورة. 

أُثبت فعالية أدوية أخرى، مثل فلوكسيتين (Fluoxetine) وفينلافاكسين (Venlafaxine)، وهم مجموعة مشابهة للأدوية المذكورة سابقاً.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT) 

وجد أن التحدث مع المختصين وتفريغ المشاعر السلبية من خوف ويأس وقلق قد يساعد على تغيير المعتقدات والسلوكيات بشكل فعال. 

يساعد العلاج بالكلام على إدراك كل الأشياء التي كانت خارجة عن إرادة الشخص والقدرة على المضي قدمًا ومحاولة تقبل ما حدث.

تستمر هذه الرحلة العلاجية ما بين 8 إلى 12 جلسة أسبوعية وتكون مدة الجلسة تتراوح بين الساعة إلى الساعة ونصف.

هل يمكن الشفاء من الاضطراب؟

يُشير بعض الأطباء أن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لا تختفي أبدًا، ولكن مع العلاج الصحيح والفعّال وإدارة الأعراض بشكل جيد قد تظل كامنة لسنوات أو حتى طيلة الحياة.

يكون الشفاء عندما تنعكس الصدمة الذي حدثت وهذا لن يحدث أبداً، ما يَخلِق احتمالية تكرار الأعراض مجدداً في الأيام المستقبلية، ومن ثم تعود عملية التعافي.

ما هي أشهر أدوية علاج اضطراب ما بعد الصدمة؟

تساعد الأدوية التالية على تهدئة المريض ونفسيته، وبالتالي علاج الصدمات النفسية، ومن أشهرها:

• بروزاك Prozac.
• باروكسات Paroxat.
• إفيكسور اكس ار Efexor XR.

معظم هذه الأدوية لا تصرف إلا بوصفة طبية من قِبل الأطباء النفسيين.

يهدف علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى تحسين الأعراض وتخفيف تأثيرها على حياة المريض، واستعادة التوازن النفسي والثقة بالنفس والآخرين، وتعلم مهارات وخطوات للتأقلم ورفض المشاعر السلبية وحالة التجنب والذكريات المؤلمة، كل ذلك يؤكد على أهمية زيارة الطبيب النفسي الذي سيساعد الشخص المضطرب والذي تعرّض لصدمة ما في تخطي الأمر بشكل صحي ولا يترك وراءه آثاراً طويلة الأمد.

 احجز الآن للحصول على رعاية طبية عالية الجودة وفحوصات دورية شاملة في مستشفى أندلسية لصحة العائلة احجز معنا واستمتع بخدمة صحية متفردة لتأمين سلامة عائلتك، من هنــــــــــا.